أديان ومذاهب

زوجها يبيت عند مطلقته الكافرة 

شارك المقالة مع أصدقائك

الفتاوى الشرعية هى ما يعتمد عليه المرء في جميع أموره فكل إنسان قبل أن يبدأ في العمل أو الاقبال علي أي امر فى حياته يسأل هل هذا يصح شرعا ومن هنا وجب علينا في موقع ويكي العربي أن نقدم لكم الفتاوى الشرعية الخاصه بالآمور الزوجيه فتابعونا للفائدة .

زوجها يبيت عند مطلقته الكافرة

 

 

السؤال

 

زوجي تزوج قبلي بأجنبية وله منها ابن ، فمشكلتي هي أنه يقضي معظم أوقات فراغه مع ابنه ويبيت أحيانا عنده رغم وجود أم الطفل الغير المسلمة في منزلها ، بينما أنا أبقى لوحدي ، وليس لي أولاد ، ولا أعمل ، كما أننا نعيش في الغربة ، وعندما أطالبه بحقوقي ينهرني ولا يبالي لمشاعري ، والأخير يقول أنه يخشى على ابنه من التربية الغير المسلمة ، فما حكم الشرع فيما ذكرت ؟ وهل أنا مخطئة في مطالبتي بحقوقي ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:
إذا طلَّق الزوجُ امرأتَه ثلاث تطليقات ، أو طلقها طلقة واحدة أو طلقتين ، وانتهت عدتها ، فإنها تصبح أجنبية عنه ، فلا يحل له الخلوة بها ، ولا المبيت عندها في بيتها ، ولا لمسها ، ولا النظر إليها ، وقد سبق بيان هذا في الفتوى رقم : (89979).
وعلى ذلك : فإن ما يفعله زوجك من المبيت عند طليقته في بيتها أمر محرم لا يجوز ؛ لأنه لا يخلو من اختلاء بها ، أو خلطة على وجه محرم .
ثم كون هذه الخلوة مع طليقته ذريعة قوية للفتنة والوقوع فيما حرمه الله سبحانه ، وكون هذه الطليقة غير مسلمة : ذريعة أخرى أيضا للفتنة ، لأنها فقدت الإيمان بالله سبحانه ، ومن فقد الإيمان بالله يسهل تسلط الشيطان عليه وإغواؤه ، قال تعالى : ( فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ . إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ ) النحل/ 98 – 100 .
وحاصل ذلك كله : أن ما يفعله زوجك من المبيت عند طليقته أمر محرم لا يجوز ، والواجب عليه أن ينتهي عنه فورا .
ثانيا:
بخصوص حضانة طليقته الكافرة لطفله : فهذا محل خلاف بين أهل العلم ، وقد حكى الخلافَ ابنُ قدامة رحمه الله ، فقال في ” المغني ” (8 / 237): ” ولا تثبت – أي الحضانة – لكافر على مسلم ، وبهذا قال مالك ، والشافعي ، والعنبري ، وقال ابن القاسم وأبو ثور ، وأصحاب الرأي: تثبت له ” انتهى.

والرأي الراجح هو ما ذهب إليه الجمهور : من عدم جواز حضانة الكافرة للطفل المسلم ، كما سبق بيانه جواب السؤال رقم : (21516 ) ، بل لا ينبغي الإفتاء بخلاف هذا القول ، خصوصا إذا بلغ الطفل سن الفهم والتمييز ، إذ كيف يترك حينئذ بحيث يكبر على سماع الكفر ، ويتربي على جحد نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلى ترك الصلاة ، والإفطار في رمضان ، وشرب الخمر ، وغير ذلك من المفاسد ؟ وهل هناك فتنة له في دينه وخلقه أعظم من هذه الفتنة وأشنع ؟ فعلى زوجك أن يحتال لينتزع ابنه من حضانة هذه المرأة الكافرة ، قبل فوات الأوان .

ثالثا :
لا شك أن لك كزوجة حقوقا على زوجك ، ثبتت بحكم الشرع الشريف ، وقد سبق بيان هذه الحقوق مفصلة بأدلتها في الفتوى رقم : (10680) .
وجماع هذه الحقوق في قول الله سبحانه للأزواج : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا )النساء/19 ، ولا شك أن من العشرة بالمعروف أن يجعل الزوج لزوجته شيئا من الوقت يحادثها وتحادثه ، ويؤانسها فيه ، فإن هذا مما يجلب المودة ويزيد الألفة بينهما ، وقد كان هذا من هدي النبي صلى الله عليه وسلم مع زوجاته ، على الرغم من انشغاله بأمور الدعوة والتعليم والجهاد وغيرها من الأمور الكبار .
أخرج البخاري (1119) وغيره عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: ” أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي جالسا ، فيقرأ وهو جالس ، فإذا بقي من قراءته نحو من ثلاثين – أو أربعين – آية قام فقرأها وهو قائم ، ثم يركع ، ثم سجد يفعل في الركعة الثانية مثل ذلك ، فإذا قضى صلاته نظر: فإنْ كنتُ يَقْظى تحدَّثَ معي ، وإنْ كنتُ نائمةً اضطجَعَ ” .
فهذا فعله مع عائشة رضي الله عنها ، وحديثه معها عقب قيام الليل إذا كانت مستيقظة .
وأخرج البخاري (2035) ، ومسلم (2175) عن علي بن الحسين رضي الله عنهما: ” أن صفية – زوج النبي صلى الله عليه وسلم – أخبرته أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوره في اعتكافه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان ، فتحدثت عنده ساعة ، ثم قامت تنقلب ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم معها يقلبها ، حتى إذا بلغت باب المسجد عند باب أم سلمة ، مر رجلان من الأنصار ، فسلما على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم: ( على رسلكما، إنما هي صفية بنت حيي ) ، فَقَالَا: سُبْحَانَ اللهِ يَا رَسُولَ اللهِ ، وَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنَّ الشَّيْطَانَ يَبْلُغُ مِنَ ابْنِ آدَمَ مَبْلَغَ الدَّمِ ، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا ) .
فهذا حديثه صلى الله عليه وسلم مع زوجته صفية وهو معتكف ، حتى أخذ العلماء منه جواز حديث الرجل مع غيره وهو في اعتكافه .
جاء في ” فتح الباري ” لابن حجر (4 / 280): ” وفي الحديث من الفوائد : جواز اشتغال المعتكف بالأمور المباحة ، من تشييع زائره ، والقيام معه ، والحديث مع غيره ” انتهى.

على أنه ينبغي لك أن تصبري على أمر زوجك ، وتتلطفي في إيصال ذلك له ، خشية أن يزيده إلحاحك عنادا ، أو نفرة منك ، وأبدي له استعدادك لحضانة ولده في منزلك ، إذا تمكن من نزع حضانته من أمه الكافرة ، فهذا باب من الإحسان إلى زوجك ، والإحسان إلى هذا الولد ، وهو أهم : ألا يتربى في حضانة من لا يؤمن بالله واليوم الآخر .

والله أعلم .

السابق
هل ينبغي للزوج أن يدرك أثر غيابه على زوجته وأولاده .
التالي
هل يجب على الزوج  النفقة بعد العقد لدخوله بالزوجه قبل البناء