الرسول الكريم سيدنا محمد صل الله عليه وسلم سويا نتعرف علي مدرسه النبوة وأفضل من مشى على الأرض وأفضل خلق الله وأحسنهم وأجملهم اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد سيد الأولين وألاخرين شفيع المسلمين صل اللهم وسلم عليك يا حبيبى يارسول الله نتابع معا في موقع ويكي العربي أفضل وأجمل الكلمات في سيرة النبى الكريم والمدرسة النبويه فتابعونا
الذي يتعمد الكذب والافتراء على النبي صلى الله عليه وسلم قد يعجل الله عزّ وجلّ له العذاب في الدنيا على مرأى ومسمع من الناس، وقد يعذبه الله ولا يَطَّلِع على عذابه أحد، وقد يؤخر الله عذابه إلى ما بعد الحياة الدنيا، ولكن المقطوع به أن كل من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم متعمداً، وافترى عليه واستهزأ به، إذا لم تدركه عقوبة في الدنيا ـ فيما يظهر للناس ـ فعذاب الله عز وجل واقع عليه إن لم يتب ويرجع إلى الله، وهذا ماضٍ إلى قيام الساعة مصداقاً لقول الله تعالى: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئينَ}(الحجر:95)، قال السعدي في تفسيره: “وهذا وعْدٌ من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم أنْ لا يضره المستهزئون، وأنْ يكفيه الله إياهم بما شاء من أنواع العقوبة، وقد فعل الله تعالى، فإنَّه ما تظاهر أحدٌ بالاستهزاء برسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أهلكه الله وقتله شر قتلة”.
ومن مواقف السيرة النبوية الدالة على عاقبة من كذب وافترى على النبي صلى الله عليه وسلم، ما رواه البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: (كان رجل نصرانياً فأسلم، وقرأ البقرة وآل عمران، فكان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم، فعاد نصرانياً، فكان يقول: ما يدري محمد إلا ما كتبتُ له، فأماته الله، فدفنوه، فأصبح وقد لفظته الأرض (ألقتْهُ من بطنها إلى ظهرها)، فقالوا: هذا فِعْلُ محمدٍ وأصحابه لما هرب منهم، نبشوا عن صاحبنا، فألقوه، فحفروا له، فأعمقوا، فأصبح وقد لفظته الأرض، فقالوا: هذا فعل محمد وأصحابه، نبشوا عن صاحبنا لما هرب منهم، فألقوه، فحفروا له وأَعْمَقُوا له في الأرض ما استطاعوا، فأصبح قد لفظته الأرض، فعلموا أنه ليس من الناس، فألقوه). وفي رواية مسلم من طريق ثابت عن أنس: (كان منا رجل من بني النجار.. فَما لَبِثَ أَنْ قَصَمَ اللَّهُ عُنُقَه فيهم، فَحَفرُوا له فَوَارَوْه)، وفي رواية: (فأَصْبَح وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْض، فعلِموا أَنَّه ليْس مِنَ النَّاس، وأَنَّه مِنَ اللَّه عزَ وجلَّ، فَأَلْقَوْه).
وفي البداية والنهاية لابن كثير، ودلائل النبوة للبيهقي: “فمات ذلك الرجلُ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: إنَّ الأرضَ لا تقبله، قال أنس: فحدَّثني أبو طلحةَ أنه أتى الأرضَ التي مات فيها ذلك الرجل فوجده منبوذًا، فقال أبو طلحة: ما شأن ذلك الرجل؟ قالوا: قد دفنَّاه مرارًا فلم تقبلْه الأرض”.
قال ابن تيمية في “الصارمِ المسلولِ” معلقاً على هذا الحديث: “وهذا أمر خارج عن العادة، يدل كل أحد على أن هذه عقوبة لما قاله، وأنه كان كاذباً، إذ كان عامة الموتى لا يصيبهم مثل هذا، وأن هذا الجُرم أعظم من مجرد الارتداد، إذ كان عامة المرتدين لا يصيبهم مثل هذا، وأن الله منتقم لرسوله ممن طعن عليه وسبَّه، ومُظْهِرٌ لدينه”.
وقال ابن هبيرة: “في هذا الحديث ذِكْر آية من آيات الله عز وجل، وهي أن هذا الرجل لما كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وادَّعى خلاف ما كان يمليه عليه، أظهر الله تعالى فيه تلك الآية وهي لفظ الأرض له”. وقال بدر الدين المعروف بالدماميني: “وإنما فُعِل به ذلك لتقوم الحجة على من رآه، ويدل على صدق النبي صلى الله عليه وسلم”. وقال الكوراني الشافعي: “(لفظته الأرض) أي: ألقته على وجه الأرض، وهذه من أبهر المعجزات إذْ لم يُحْك في الدهر مثلها”.
وقال العيني: “ظهرت معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم في لفظ الأرض إياه مرات، لأنه لما ارتد عاقبه الله تعالى بذلك لتقوم الحجة على من يراه”.
وقال القسطلاني: “طرحته ورمته من داخل القبر إلى خارجه لتقوم الحجة على من رآه، ويدل على صدقه صلى الله عليه وسلم”.
ما حدث لهذا الرجل الذي ارتد وكذب وافترى على النبي صلى الله عليه وسلم شاهد عظيم على سوء عاقبة من كذب وافترى على النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه معجزة من معجزات ودلائل نبوته صلى الله عليه وسلم، وفيه كذلك الكثير من الفوائد والعبر، ومنها:
ـ نصرة الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم، وإظهار غيرته عليه للعالمين، حيث انتقم من هذا الرجل الذي قال في حق النبي صلى الله عليه وسلم: “ما يدري محمد إلا ما كتبتُ له”، بل وعجل عقوبته، ففي رواية مسلم: (فَما لَبِثَ أَنْ قَصَمَ اللَّهُ عُنُقه) أي أن الله عز وجل لم يمهله كثيرا بعد ما قاله وافتراه على النبي صلى الله عليه وسلم. وما حدث لهذا الرجل من لفظ الأرض له كلما دُفِن، فيه عجيب قدرة الله تعالى، إذ جعل في الأرض القدرة على أن تنبذ الرجل وتلفظه، ولا يقف كون القوم قد أعمقوا الحفر كثيرا حائلا عن امتثال الأرض لأمر الله عز وجل، قال الله تعالى: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}(النحل:40)، قال ابن كثير: ” ذكر ـ جل وعلا ـ في هذه الآية الكريمة: أنه لا يتعاصى على قدرته شيء، وإذ يقول للشيء: {كُنْ} ، فيكون بلا تأخير.. كقوله في الرد على من قال: من يحيي العظام وهي رميم؟: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}(يس:82)، وبين أنه لا يحتاج أن يكرر قوله: “كن”، بل إذا قال للشيء “كن” مرة واحدة، كان في أسرع من لمح البصر، في قوله: {وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالبَصَرِ}(القمر:50)”.
ـ إذا كان الكذب حرام على عموم الناس، فإن الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد وأعظم، فإنه من أقبح المنكرات، وأكبر الكبائر بإجماع المسلمين، فمن خصائصه صلوات الله وسلامه عليه أن الكذب عليه ليس كالكذب على غيره، لقوله صلى الله عليه وسلم: (إن كذِبَاً عليَّ ليس ككذب على أحد، من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار) رواه البخاري . قال القاضي عياض: “وإذا كان الكذبُ ممنوعاً فى الشرع جملةً فهو على النبي عليه الصلاة والسلام أشد، لأن حقَّه أعظم، وحق الشريعة آكد، وإباحة الكذب عليه ذريعة إلى إبطال شرعه، وتحريف دينه”.
ـ الوعيد الشديد الوراد في الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم على المتعمد للكذب، قال الله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ}(الأحزاب:5)، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (من كذب عليَّ متعمدا) رواه البخاري. وقال القرطبي في كتاب: “المُفْهِم لما أَشكل من تلخيص صحيح مسلم” في شرح حديث علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تكذبوا عليَّ، فإنه من يكذب عليَّ يلج النار)، قال: “صَدْرُ هذا الحديث نهيٌ، وعجزه وعيدٌ شديد، وهو عامٌّ في كلِّ كاذبٍ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومطلقٌ في أنواع الكذب.. غير أنَّ الجمهور: خصَّصوا عموم هذا الحديث، وقيَّدوا مطلقَه بالأحاديث التي ذُكِرَ فيها: متعمِّداً، فإنَّهُ يُفْهَم منها أنَّ ذلك الوعيد الشديد، إنما يتوجَّه لمن تعمَّد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه الطريقة هي المرضيَّة، فإنَّها تجمع بين مختلفات الأحاديث.. هذا مع أن القاعدة الشرعيّة القطعيّة تقتضي أن المخطيء والناسي غير آثمَيْن، ولا مؤاخذيْن، لا سيّما بعد التحرّز والحذر”.
من المعلوم أن من حقوق النبي صلى الله عليه وسلم على المسلم نصرته وتحقيق محبته واتباعه، ولا شك أن من صور ذلك: تحري الصواب والصدق في نقل أقواله وأخباره صلى الله عليه وسلم، فعلى المسلم أن يحذر من أن ينسب ولو من قبيل الخطأ للنبي صلى الله عليه وسلم حديثاً وكلاماً لم يقله، أما الذي يكذب عليه صلى الله عليه وسلم متعمداً فهو على خطرٍ عظيم، لقوله صلوات الله وسلامه عليه: (إن كذبا عليَّ ليس ككذب على أحد، من كذب عليَّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار) رواه البخاري. وينبغي أن يُعْلم أن كفاية الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم ممن استهزأ به، أو آذاه، أو افترى عليه، ليست مقصورة على إهلاك هذا المعتدي بقارعة أو نازلة بل صور هذه الكفاية والحماية متنوعة متعددة، قال الله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ}(المدثر:31). وأحداث التاريخ فيها الكثير من المواقف والأحداث التي تبين عاقبة من استهزأ بالنبي صلى الله عليه وسلم وافترى عليه، وتؤكد أن الله تعالى تكفل بالانتقام لنبيه صلى الله عليه وسلم، وهذا ماضٍ إلى قيام الساعة دائماً وأبداً، مصداقاً لقوله تعالى: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئينَ}(الحجر:95).