الفتاوى الشرعية هى ما يعتمد عليه المرء في جميع أموره فكل إنسان قبل أن يبدأ في العمل أو الاقبال علي أي امر فى حياته يسأل هل هذا يصح شرعا ومن هنا وجب علينا في موقع ويكي العربي أن نقدم لكم الفتاوى الشرعية الخاصه بالآمور الزوجيه فتابعونا للفائدة .
هل الزوجه التى زوجها لا يكفيها تأخذ من أبيها الذي يبيع الخمر
السؤال
لقد مضى على زواجي عام ونصف وأنا مازلت معتمدة مادياً على والدي ، وذلك لأن زوجي يدّعي أنّ معظم الأعمال والوظائف في بريطانيا حرام ، بما في ذلك العمل في السوبرماركت الذي يعمل فيه حالياً ، ولذلك فهو لا يعمل بدوام كامل ، وكانت تبعات قراره هذا أنه لا يقدر على الإنفاق علي ، مما جعلني اعتمد على والدي كلياً حيث أحصل على المال منه ، وأتناول الطعام معه من الطعام الذي يقدمه ، ولكن زوجي يقول إنه يجب أن لا آكل معهم ، لأن أحد المحال التي يملكها أبي تبيع الخمر ، بالإضافة إلى أشياء أخرى حلال ، مع العلم أن زوجي لا يقدم لي شيئا ، ودائما يبحث عن شيء ضد عائلتي ، وهو يدعي أنّ الواجب عليه فقط أن يؤمن لي المسكن والملابس والطعام بالحد الأدنى ، أما أثاث البيت كالأريكة وغيرها ، فهو يعدها أموراً رفاهية لا تجب عليه ، ويستدل بالأدلة الشرعية على ذلك . ولكنني تحدثت معه ، وشرحت له أنه الواجب الشرعي عليه من جهة الإنفاق حسب ما تعارف عليه الناس ، ولكنه يرفض ذلك ، فهو يظن أنه يقدم ما يستطيع تقديمه ، ولكن ذلك بسبب الأعذار التي يختلقها لنفسه حتى لا يعمل بعد زواجنا ، على الرغم من الشروط التي اتفق عليها مع والدي.
الجواب
الحمد لله.
أولا :
يجب على الزوج أن ينفق على زوجته بمقدار كفايتها بالمعروف ( وهو ما أقره الشرع ، وتعارف عليها الناس ) ، وقد أعلن الرسول صلى الله عليه وسلم بعض حقوق المرأة على زوجها في خطبته العظيمة في عرفات ، فقال : ( ولَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) رواه مسلم (1218) .
والحاجات الأساسية للإنسان هي : المسكن ، والطعام والشراب ، والملبس .
ثم هناك حاجات أخرى لا ينبغي إهمالها : كنفقات التعليم والعلاج والأثاث والأجهزة المنزلية ، والخادمة والمربية للأطفال … إلخ .
وكل هذه الأشياء يرجع فيها إلى ما تعارف عليه الناس ، فقد يكون وجود الخادمة شيئا هاما وأساسيا في بعض المجتمعات أو العائلات ، فيكون إحضارها وتحمل نفقاتها واجبا على الزوج ، بخلاف المجتمعات التي لا تعتاد ذلك ، فلا يكون إحضار الخادمة فيها واجبا على الزوج .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” والصواب المقطوع به عند جمهور العلماء أن نفقة الزوجة مرجعها إلى العرف وليست مقدرة بالشرع ؛ بل تختلف باختلاف أحوال البلاد والأزمنة وحال الزوجين وعادتهما ؛ فإن الله تعالى قال : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( خُذِي مَا يَكْفِيك وَوَلَدَك بِالْمَعْرُوفِ ) ، وَقَالَ : ( لَهُنَّ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) ” انتهى من ” مجموع الفتاوى (34/83) .
وقال رحمه الله – أيضا – (34/86) :
” وإذا كان الواجب هو الكفاية بالمعروف ، فمعلوم أن الكفاية بالمعروف تتنوع بحالة الزوجة في حاجتها ، وبتنوع الزمان والمكان ، وبتنوع حال الزوج في يساره وإعساره ، وليست كسوة القصيرة الضئيلة ككسوة الطويلة الجسيمة ، ولا كسوة الشتاء ككسوة الصيف ، ولا طعام البلاد الحارة كالباردة ، ولا المعروف في بلاد التمر والشعير . كالمعروف في بلاد الفاكهة والخمير ” انتهى .
والظاهر أن قصده بـ ( الخمير) البلاد التي من عادة أهلها أكل أنواع جيدة من الخبز ، فيكون ذلك واجبا على الزوج .
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله :
” يجب على الرجل نفقة زوجته بما لا غنى لها عنه ، وكذلك كسوتها بالمعروف ، ومسكنها مما يصلح لأمثالها ” انتهى من ” فتاوى المرأة المسلمة ” جمع أشرف عبد المقصود (2/880) .
ويتضح من هذا أن قول زوجك : ” إن الواجب عليه أن يؤمن لك الحد الأدنى من المسكن والملابس والطعام ” ليس بصواب ، بل الصواب أنه يؤمن لك من هذه الأشياء ما يناسب حالك وحاله ، مما اعتاده الناس في بلادكم .
وقد سبق في كلام شيخ الإسلام أن البلاد التي يعتاد أهلها أكل الفاكهة والخبز الجيد ، يكون ذلك هو المعروف فيها ، ويكون واجبا على الزوج ، ولا يكفي الزوج في هذه البلاد أن يقدم لزوجته الحد الأدنى من الطعام .
ويقال الأمر نفسه في أثاث البيت والأجهزة المنزلية … الواجب في هذا كله ما جرى به العرف واعتاده الناس .
ولذلك قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله في حكم الإتيان بخادمة للزوجة قال : ” امرأة ممن يُخدم مثلها ، نقول للزوج : يجب عليك أن تأتي لها بخادم ، فإن قال : هي امرأة شابة تستطيع أن تخدم نفسها ، قلنا : لكن لها رزقها وكسوتها بالمعروف ، وهذه امرأة ممن يخدم مثلها ؛ إمَّا لكبرها ، أو لصغرها ، أو لشرفها ، وإذا كانت المرأة ممن يخدم مثلها لهذه الأسباب الثلاثة ، فإنه يُلزم الزوج بخادم …
وهذه المسألة راجعة إلى العرف ، ففي عرفنا بالمملكة الخادم لا يجب لأحد ، اللهم إلا في الأزمنة الأخيرة بدأ الناس يأتون بالخدم ، أمَّا في الأول فلو كانت من أشرف الناس أو أغنى الناس ، فلا تحتاج إلى خادم ، وهي قد عرفت أنها إنما جاءت لزوجها لتخدمه ، لكن إذا تطورت الأحوال فالمسألة راجعة للعرف ؛ لأن نصوص الكتاب والسنة أرجعت هذا الأمر إلى العرف ” انتهى من ” الشرح الممتع ” (13/461) .
ثانيا :
إذا ثبت أن الزوجة لها على زوجها أن ينفق عليها بالمعروف ، فالواجب على الزوج أن يتكسب ويعمل ليحصل المال الذي يستطيع به أن يقوم بما أوجب الله عليه من النفقة بالمعروف .
وفي الوقت ذاته يجب على الزوجة أن تكون معينة لزوجها على الكسب الحلال الطيب ، وأن تصبر وتتحمل إذا لم يجد زوجها عملا حلالا ، فإن ( كل جسم نبت من حرام فالنار أولى به ) هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم .
وإذا اتقى العبدُ ربَّه فتح الله عليه أبواب الرزق من حيث لا يدري ، قال الله تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ) الطلاق/2-3 .
ثالثا :
أما استفادتك من مال أبيك ، فقد ذكرت أن والدك يبيع الخمر في أحد المحلات التي يملكها وهذا لا يجعل ماله حراما عليك ، لأن ماله ليس حراما خالصا ، بل فيه جزء حرام اختلط بالحلال ، ومال الأب المختلط لا يحرم على أولاده الاستفادة منه ، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم (72880) .
وأيضا : هذا المال المحرم ليس كالمال المسروق الذي يحرم على كل أحد أن ينتفع به ، لوجوب رده إلى صاحبه ، وإنما يحرم الاستفادة بهذا المال لمن اكتسبه بطريقة محرمة فقط ، أما أولاده وزوجته وأصحابه … إلخ فلا حرج عليهم من الانتفاع بهذا المال كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم : (85419) .
ويتأكد جواز انتفاعك بهذا المال بسبب حاجتك إليه وعدم إنفاق زوجك عليك النفقة التي تكفيك .
وخلاصة الجواب :
– أنه يجب على زوجك أن يعمل ويكتسب حتى ينفق عليك النفقة المناسبة لحالك وحاله ، مما جرى به العرف في بلادكم .
– إذا تأخر زوجك في الحصول على عمل مباح ، مع جده ، وسعيه في ذلك : فينبغي أن تصبري حتى ييسر الله له أمره .
– لا حرج عليك من الانتفاع بمال أبيك لأنك محتاجة إلى ذلك ، ولأن مال أبيك فيه نسبة كبيرة من الحلال وليس كله حراما ، ولأن الحرام الذي فيه إنما يحرم الانتفاع به على والدك فقط .
نسأل الله تعال أن ييسر لك أمرك ، ويصلح لك زوجك .
والله أعلم .