تاريخ

مملكة كوش

شارك المقالة مع أصدقائك

مملكة كوش هي دولة إفريقية قديمة اتخذت هذا الاسم ابان تتويج كاشتا أول ملوك الأسرة الخامسة والعشرين النوبية. وكانت تضم المنطقة من حوض نهر النيل التي تعرف بالنوبة والواقعة في الحدود الحالية للسودان وأجزاء من مصر، والتي تعاقبت عليها ثلاث ممالك كوشية حكمت في الماضي. المملكة الأولى وعاصمتها كرمة (2400-1500 قبل الميلاد)، وتلك التي تمركزت حول نبتة (1000-300 قبل الميلاد)، بجانب مروي القديمة (البجراوية حاليا) (300 قبل الميلاد- 300 ميلادية).
تأثرت كل من هذه الممالك ثقافياً، اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً بالدولة المصرية الفرعونية الواقعة في الشمال، كما أن هذه الممالك الكوشية تنافست بقوة مع نظيراتها في مصر، وذلك لدرجة أنه خلال الفترة المتأخرة من تاريخ مصر القديمة، سيطر ملوك نبتة على مصر الموحدة ذاتها، وحكموا كفراعنة الأسرة الخامسة والعشرين.
يبدأ التاريخ الفعلي لمملكة كوش السودانية حوالي عام 2500 قبل الميلاد. ويذكر أن أول ملك لكوش والمعروف تاريخيا هو(كاشتا)، وفي عهده تم أول غزو كوشي معروف لصعيد مصر والذي أعقبته هيمنة كوشية كاملة على معظم أراضي مصر على يد خليفته بعانخي. وبعد وفاة بعانخي اعتلى مقاليد العرش الكوشي عدد من الملوك أشهرهم تهراقة الذي أشارت اليه النقوش الأشورية بملك مصر وكوش. وبعد إجلاء الكوشيين عن مصر بدأت ما تعرف بالفترة النبتية الثانية (540-663 قبل الميلاد) وهي الفترة التي اقتصر فيها حكم ملوك كوش على دولة كوش فقط.
يشار إلى أن الفترة المروية هي أطول عهود الكوشيين زمنًا وازدهاراً، وقد سميت بالمروية لأن الكوشيين كان يحكمون دولتهم من منطقة مروي، الواقعة على الشاطئ الشرقي لنهر النيل.
لأسباب غير معروفة خفت صيت كوش عالمياً في القرن الرابع الميلادي ولم تعد لمروي الأهمية السياسية التي عرفت بها من قبل.
كانت كوش غنية الموارد الطبيعية، وأشهرها الذهب، فقد كانت كوش أكبر مصدر للذهب الوارد إلى مصر، بل واشتهرت به إلى القدر الذي كان يطلق عليه ذهب كوش، ورسومات جلبه إلى مصر موثقة في الوثائق المصرية القديمة. إلى جانب الذهب عرفت كوش بالحديد وصهره في مصاهر توقد بالأخشاب.
وكانت أهم دول شريكة لتجارة كوش الخارجية تشمل كلا من مصر شمالاً، ومملكة أكسوم شرق ووسط إفريقيا. لذلك فقد كانت تتقاطع في كوش عدة طرق تجارية، أهمها طريق النيل شمالاً إلى مصر، ودرب الأربعين من غرب كوش ليلتقي بالنيل في منطقة دنقلا في الشمال، بالإضافة إلى ثلاثة طرق أخرى شرقية أحدها يمتد للبحر الأحمر وآخر إلى أكسوم وثالث إلى الجنوب ويتفرع إلى أكسوم بجانب منطقة القرن الإفريقي بأسرها وذلك فضلا عن شبكات التجارة الداخلية البرية والنهرية.
من ناحية الديانة التعبدية، كانت للكوشيين معبودات بعضها مصري الأصل، مثل: رع وآمون رع وأوزير وإيزيس وحور وغيرها، بكل صفاتها وأدوارها كما في الديانة المصرية، وبعضها الآخر كوشي مثل: دودن وأبديماك وسبويمكر وغيرها.
أما في الجانب الجنائزي، فإنهم آمنوا بحياة آخرة وبضرورة التزود لها بالعمل الصالح والوسائل المادية أيضًا، وهي ما تعرف بالأثاث الجنائزي اصطلاحًا، حيث يودع مع الميت في قبره، وبرفقته أدوات الحياة الدنيا، المنزلية والمهنية منها والتَّرويحية التي ألفها الميت في حياته الدنيا ويعتقد بأنه سيحتاج إليها في حياته الآخرة. وتميزت فترة كرمة بدفن الملوك وأرباب الأسر الكبيرة مصحوبين ببعض ذويهم وخدمهم ليرافقوهم ويخدموهم في الحياة الآخرة حسب اعتقادهم. بينما كانت القبور تتفاوت في أحجامها، فهي عبارة عن حفر عميقة واسعة للحكام من الملوك والملكات، كما شيدت للملوك والملكات ونسلهم أهرامات تعلو قبورهم، وهي أصغر حجمًا من الأهرامات المصرية. وقد أظهرت النقوش الدينية التعبدية والجنائزية التأثير المصري والطابع المحلي في آن معا في الأفكار الدينية والاعتقادات.

التالي
اللوكيميا Leukemia