الفتاوى الشرعية هى ما يعتمد عليه المرء في جميع أموره فكل إنسان قبل أن يبدأ في العمل أو الاقبال علي أي امر فى حياته يسأل هل هذا يصح شرعا ومن هنا وجب علينا في موقع ويكي العربي أن نقدم لكم الفتاوى الشرعية الخاصه بالآمور الزوجيه فتابعونا للفائدة .
هل تسقط الخدمة عن الزوجة اذا كان زوجها غنيا ويأتي بخادمه
السؤال
هل كانت فتوى النبي صلى الله عليه وسلم في خدمة المنزل لعلي وفاطمة خاصة بالزوج الفقير دون الغني ؟ فمثلا إذا كان وضعي يسمح بإحضار خادمة ولم أفعل أو تأخرت في ذلك ، فهل يسقط واجب خدمة المنزل عن زوجتي تماما ؟ أم يكون عليها كله ؟ أم مناصفة بيننا ؟
الجواب
الحمد لله.
أولا:
يلزم الزوجة خدمة زوجها بالمعروف، في قول جماعة من الفقهاء، وهو الراجح، سواء كان الزوج غنيا أو فقيرا، وسواء كانت المرأة شريفة أو دنيئة.
ويتأكد الوجوب إذا اشترط عليها ذلك في العقد، أو جرى العرف في البلد بخدمة الزوجة لزوجها؛ لأن المعروف عرفا كالمشروط شرطا.
قال ابن القيم رحمه الله : ” فصل : في حكم النبي صلى الله عليه وسلم في خدمة المرأة لزوجها :
قال ابن حبيب في “الواضحة” : حكم النبي صلى الله عليه وسلم بين على بن أبى طالب رضي الله عنه ، وبين زوجته فاطمة رضي الله عنها، حين اشتكيا إليه الخدمة؛ فحكم على فاطمة بالخدمة الباطنة، خدمة البيت، وحكم على علي بالخدمة الظاهرة.
ثم قال ابن حبيب : والخدمة الباطنة: العجين ، والطبخ ، والفرش ، وكنس البيت، واستقاء الماء، وعمل البيت كله.
في الصحيحين : أن فاطمة رضي الله عنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم تشكو إليه ما تلقى في يديها من الرحى ، وتسأله خادما فلم تجده ، فذكرت ذلك لعائشة رضي الله عنها ، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته، قال علي : فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا ، فذهبنا نقوم ، فقال : مكانَكما فجاء فقعد بيننا حتى وجدت برد قدميه على بطني ، فقال : ألا أدلكما على ما هو خير لكما مما سألتما ؟ إذا أخذتما مضاجعكما فسبحا الله ثلاثا وثلاثين ، واحمدا ثلاثا وثلاثين ، وكبرا أربعا وثلاثين ، فهو خير لكما من خادم .
قال علي : فما تركتها بعد.
قيل : ولا ليلة صفين ؟
قال : ولا ليلة صفين.
وصح عن أسماء أنها قالت : كنت أخدم الزبير خدمة البيت كله ، وكان له فرس وكنت أسوسه ، وكنت أحتش له ، وأقوم عليه .
وصح عنها أنها كانت تعلف فرسه ، وتسقى الماء ، وتخرز الدلو وتعجن ، وتنقل النوى على رأسها من أرض له على ثلثي فرسخ .
فاختلف الفقهاء في ذلك ، فأوجب طائفة من السلف والخلف خدمتها له في مصالح البيت.
وقال أبو ثور : عليها أن تخدم زوجها في كل شيء .
ومنعت طائفة وجوب خدمته عليها في شيء. وممن ذهب إلى ذلك مالك ، والشافعي ، وأبو حنيفة ، وأهل الظاهر ، قالوا : لأن عقد النكاح إنما اقتضى الاستمتاع ، لا الاستخدام وبذل المنافع ، قالوا : والأحاديث المذكورة إنما تدل على التطوع ومكارم الأخلاق، فأين الوجوب منها؟
واحتج من أوجب الخدمة: بأن هذا هو المعروف عند من خاطبهم الله سبحانه بكلامه ، وأما ترفيه المرأة ، وخدمة الزوج ، وكنسه ، وطحنه ، وعجنه ، وغسيله ، وفرشه ، وقيامه بخدمة البيت: فمن المنكر ، والله تعالى يقول : ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف البقرة/228 ، وقال: الرجال قوامون على النساء النساء/34 ، وإذا لم تخدمه المرأة ، بل يكون هو الخادم لها ، فهي القوّامة عليه!!
وأيضا: فإن المهر في مقابلة البُضع ، وكل من الزوجين يقضي وطره من صاحبه ، فإنما أوجب الله سبحانه نفقتها وكسوتها ومسكنها، في مقابلة استمتاعه بها وخدمتها ، وما جرت به عادة الأزواج .
وأيضا : فإن العقود المطلقة، إنما تُنزّل على العرف ، والعُرف خدمة المرأة ، وقيامها بمصالح البيت الداخلة.
وقولهم : إن خدمة فاطمة وأسماء كانت تبرعا وإحسانا؛ يردّه أن فاطمة كانت تشتكي ما تلقى من الخدمة ، فلم يقل لعلى : لا خدمة عليها ، وإنما هي عليك!! وهو صلى الله عليه وسلم لا يحابي في الحكم أحدا.
ولما رأى أسماء والعلف على رأسها ، والزبير معه ، لم يقل له : لا خدمة عليها ، وإن هذا ظلم لها ، بل أقره على استخدامها ، وأقر سائر أصحابه على استخدام أزواجهم، مع علمه بأن منهن الكارهة والراضية ، هذا أمر لا ريب فيه .
ولا يصح التفريق بين شريفة ودنيئة ، وفقيرة وغنية ، فهذه أشرف نساء العالمين كانت تخدم زوجها ، وجاءته صلى الله عليه وسلم تشكو إليه الخدمة ، فلم يُشْكِها [أي: لم يُزل سبب شكايتها، وهو الخدمة] .
وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح المرأة عانية ، فقال : اتقوا الله في النساء ، فإنهن عوانٍ عندكم ، والعانى : الأسير ، ومرتبة الأسير خدمة من هو تحت يده ، ولا ريب أن النكاح نوع من الرق ، كما قال بعض السلف : النكاح رق ، فلينظر أحدكم عند من يرق كريمته ، ولا يخفى على المنصف الراجح من المذهبين ، والأقوى من الدليلين ” انتهى من “زاد المعاد” (5/186) .
وينظر: جواب السؤال رقم : (119740) وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطلب من أزواجه صنع الطعام وغيره، فدل على أن حكمه لعلي ليس لفقره، وإنما عام لجميع الأزواج.
وكذلك ما كان من خدمة أسماء للزبير، وهو من أغنياء الصحابة رضي الله عنهم.
فإذا كنت غنيا تملك إحضار خادمة، لم تسقط بذلك الخدمة الباطنة كلها عن زوجتك.
لكن من كان قادرا على إراحة أهله، وإحضار خادمة، أو تبرع هو بإعانة أهله في بعض الخدمة، فهو محسن، وربما كان ذلك أنفع لأولاده لتتفرغ الزوجة لتربيتهم وتعليمهم.
والله أعلم.