الغموض والخيال والبحث عن الاشياء المخفيه في العوالم الاخري دائما هي ما تهم البعض من محبي هذة الانواع من الروايات والقصص فالبعض يفضل القصص المخيفه والبعض يفضل الروايات الرومانسيه والبعض الاخر يفضل الروايات المشوقه المليئة بالاكشن .
كثير منا يعشق قصص الرعب والغموض، القصص الخاصة بالعالم المجهول، العالم الذي يجعل الدم يجف بالعروق والجسم يتخشب ويصبح المرء منا غير قادر على فعل شيء ولا حتى إنقاذ نفسه، وأحيانا كثيرا يدفع حياته ثمنا لفضوله وربما أودى به الموضوع لحد الجنون.
أنا أحمد متخرج جديد من الجامعة، ووجدت عمل كمصور بجريدة أحد الرجال المشهورين والمعروفين بالمجتمع، اضطررت للبحث عن شقة تكون قريبة من الجريدة التي أعمل بها حديثا، ولكن من المعروف للجميع أزمة الشقق في مجتمعنا، وبالصدفة بينما كنت أحكي لصديق قديم لي “أمجد” عن مشكلة الشقة وأنني لا أجد واحدة أبدا على الرغم من جهدي الكثير.
اقترح أن يعطيني شقته والتي ورثها عن والديه، وكانت إيجار قديم، كانت بعمارة مؤلفة من أربعة أدوار، كل دور به شقتين متقابلتين، وكانت شقة “أمجد” بالدور الأخير، في الحقيقة أول يومين أنهكت حرفيا في تنظيفها وإعادة ترتيبها، وأول ما أنهيت تنظيفها شعرت وكأنني وأخيرا أصبحت مستقرا في منزلي الخاص، لقد كان شعورا ما أروعه.
باليوم الثاني وكانت الساعة قد تجاوزت الثانية بعد منتصف الليل دق جرس الباب، قلقت من الوقت المتأخر ومن الطارق به، ولكنني على خطى مترددة ذهبت لأجيب، من كثرة قلقي وجدت نفسي أنظر من العين السحرية ليطمئن قلبي ولكنني وجدت شخصا مواصفاته مخيفة للغاية كالتالي:
طويل وأصلع، به عين لونها أبيض والأخرى طبيعية، مسن، وله ذقن طويلة بيضاء اللون؛ ترددت في أن أفتح له الباب ولكني في الأخير فتحته، فوجدته رجع إلى شقته كما اعتقدت ربما يكون جاري بالشقة المقابلة، بعلو صوتي: “يا سيدي متأسف لأنني تأخرت عليك في الرد، بأي شيء يمكنني أساعدك، أخبرني ماذا كنت تريد؟!”، ولكنه لم يجيبني بكلمة واحدة دخل شقته وأوصد الباب.
وما إن دخلت واستوطنت بسريري من جديد لأكمل نومي إلا وسمعت صوتا قادما من المطبخ وكأن شيئا يقع على الأرض، أسرعت لأرى ما في الأمر، وقبل أن تصل يدي لأضيء المطبخ سمعت آهات وشخص ينادي باسمي، ارتجفت جميع أعضائي وأول ما تمكنت من الإنارة رأيت رجلا غريبا ملقى على الأرض مذبوح يضع يده على رقبته والدم يسيل من بين أصابعه واليد الأخرى يريد أن يمسكني بها، تسمرت مكاني على خلافه فقد قاوم حتى تمكن من الصمود على قدميه وحاول الإمساك بي!
انطفأت الأنوار وشعرت بيده على رقبتي كانت باردة كالثلج ولزجة، إنها لزوجة الدم بالكاد تمكنت من قراءة الفاتحة، وفجأة عادت الأنوار ولم أجد شيئا، ظللت مستيقظا طوال الليل ولم يغمض لي جفن، وباليوم التالي ذهبت لعملي مبكرا ولكن الإرهاق كان ظاهرا على ملامح وجهي وكل من سألني: “أحمد ما بك؟!”، أجبته قائلا: “مجرد إرهاق!”، حتى أن مديري المباشر أذن لي بالعودة للمنزل والمجيء باليوم التالي باكرا لإنهاء ما تأخر من عمل.
عدت للشقة ورأيت الرجل غريب الشكل يفتح باب شقته وبيده أكياس القمامة السوداء المعروفة، أخبرته: “سيدي آسف حقا أنني تأخرت عليك في الرد ليلة أمس ولكنني…”، وقبل أن أكمل حديثي قال: “إذا رأيتني!”، ودخل شقته ومن جديد أوصد الباب في وجهي؛ كنت أتوق للنوم ولكني أيضا كنت خائفا منه، جعلت كل أنوار الشقة مضاءة وجلست أفكر وأفكر وفي النهاية من كثرة التعب غفوت وعلى الساعة الواحدة أيضا سمعت صوت مياه قوي ناجم من الحمام، أسرعت إليه لأرى ما به، وبالفعل وجدت كل صنابير الحمام مفتوحة والغريب أنها تخرج منها مياها سوداء وليست التي عديمة اللون المياه الشفافة الطبيعية التي نعرفها جميعا، أغلقت الصنبورين، ولمحت ظلا أسودا في الصالة!
جريت وأمسكت بقطعة حديدية تشبه السيخ، وقلت بأعلى صوت لي: “أيا تكن جن عفريت اخرج وواجهني”، ومن بعدها رأيت باب شقتي يفتح والرجل نفسه يخرج منه ويذهب لشقته، جريت خلفه وشرعت في دق جرسه ولكنه لم يجب، وتحدثت غاضبا: “أخبرني كيف دخلت شقتي، وما الذي كنت تفعله، أجبني يا هذا!”، ولكن لا حياة لمن تنادي، ولكني لمحت ظل قدميه أسفل الباب، عدت لشقتي وأشغلت إذاعة الراديو على محطة القرآن الكريم، وأيضا لم أستطع النوم.
وما إن حل الصباح ذهبت للعمل مجددا ولكني بهذه المرة اتصلت على أمجد لأهزأه على شقته المليئة بالجن والعفاريت وكيف له أن يسخر من صديق عمره الوحيد بهذه الطريقة وبهذه الكيفية…