مسألة الحامل والمرضع في رمضان
♦ إذا خافت الحامل على جنينها، أو المرضع على رضيعها قلة اللّبن أو ضياعه أو نحو ذلك بالصوم فإنه يجوز لهما الفطر بإجماع العلماء لقوله صلى الله عليه وسلم:” إن الله عزّ وجل وضع عن المسافر شطر الصلاة، وعن المسافر والحامل والمرضع الصوم”[1].
واختلاف العلماء حصل فيما يجب عليهما إذا أفطرتا على ستة ( 06 ) أقوال مشهورة وهي:
القول الأوّل:
إنّ الحامل والمرضع إذا أفطرتا خوفا على ولديهما فقط، فعليهما القضاء والفدية، وأما إذا أفطرتا خوفا على نفسيهما، فعليهما القضاء فقط..
وهذا هو مذهب الشّافعية في المعتمد عندهم، وهو مذهب الإمام أحمد رحمه الله.
القول الثّاني:
ليس عليهما القضاء ولا الفدية، وهذا مذهب ابن حزم رحمه الله تعالى وحجّته عدم ورود النّص الشّرعي في ذلك.
القول الثّالث:
الحامل عليها القضاء وليس عليها الفدية، أمّا المرضع فإنّ عليها القضاء والفدية.
وهو قول الإمام مالك رحمه الله، وهو المفتى به عند علماء المالكية، وهو قول كذلك في مذهب الشّافعي إلاّ أنّه غير معتمد عندهم.
القول الرّابع:
الحامل والمرضع عليهما الفدية فقط، وليس عليهما القضاء، وهذا القول مروي عن الصحابي الجليل ابن عباس رضي الله عنهما، وقال به عدد من التّابعين، واختاره من العلماء المعاصرين الشّيخ الألباني رحمه الله تعالى.
القول الخامس:
تخيير الحامل والمرضع بين القضاء أو الفدية، فلهما أن تقضيا أو تطعما على الخيار بينهما، وهو قول الإمام إسحاق بن راهويه رحمه الله.
القول السّادس:
عليهما القضاء فقط، ولا فدية عليهما، وهذا مذهب الحنفية، وهو قول الإمام الشّافعي، وهو مروي عن عدد من علماء التّابعين كالحسن البصري، وإبراهيم النّخعي، والثّوري، وأصحاب الرّأي، وابن المنذر وهو قول الإمام الطّبري رحمهم الله.
وبه أفتى كثير من العلماء المعاصرين كالشّيخ ابن باز، و الشّيخ ابن عثيمين.. وغيرهم كثير رحمة الله على الجميع.
وحجتهم في ذلك:
• أنّ الحامل والمرضع يلحقان بالمريض من ناحية الحكم، لقوله تعالى:” وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ..”[2].
فالآية أمرت المريض بقضاء الأيام التي أفطرها دون إلزامه بشيء آخر..
• وكذلك بدلالة الاقتران في الحديث السّابق، وهو قوله صلى الله عليه وسلم:” إنّ الله عزّ وجل وضع عن المسافر شطر الصّلاة، وعن المسافر والحامل والمرضع الصّوم “[3].
فالحديث ذكر الحامل والمرضع مع المسافر، فدلّ ذلك على أخذهما نفس الحكم وهو القضاء فقط.
وهذا هو القول الراجح في المسألة.
[1] رواه الإمام ابن ماجه في سننه، كتاب: الصيام، باب: ما جاء في الإفطار للحامل والمرضع، ج1 ص533، برقم: 1667. ورواه الإمام أحمد في مسنده، ج31، ص 392، برقم: 19047. والحديث صححه الشيخ الألباني في تحقيقه وتخريجه لأحاديث مشكاة المصابيح للتّبريزي، المكتب الإسلامي – بيروت، ط 3، 1405 ه- 1985 م، ج1 ص 458، برقم: 2025.
[2] سورة البقرة، طرف من الآية 185.
[3] رواه الإمام ابن ماجه في سننه، كتاب: الصيام، باب: ما جاء في الإفطار للحامل والمرضع، ج1 ص533، برقم: 1667. ورواه الإمام أحمد في مسنده، ج31، ص 392، برقم: 19047. والحديث صححه الشيخ الألباني في تحقيقه وتخريجه لأحاديث مشكاة المصابيح للتّبريزي، ج1 ص 458، برقم: 2025.