الاحاديث النبوية الشريفة هي مرجعيتنا الثانية بعد القرآن الكريم، لتعلم المباديء والاخلاق الاسلامية السامية، وهي مفتاح التعامل في الحياة الدنيا وحتي الوصول الي الأخرة في جنة الجلد، من خلال موقع ويكي العربي نقدم الاحاديث النبوية الشريفة الصحيحة، من مصادر علماء المسلمين والسنة.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
متن الحديث:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال «تسحَّرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قام إلى الصلاة، قال أنس: قلت لزيد: كم كان بين الأذان والسَّحور؟ قال: قدر خمسين آية».
الشرح:
هذا الحديث رواه الشيخان، الإمامان: البخاري ومسلم عليهما رحمة الله تعالى.
والسَّحور مشروع للمسلمين أن يتسحروا اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، وأيضاً حتى يتقوى الإنسان على طاعة ربه جل وعلا، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل، وزيد بن ثابت يقول: تسحَّرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان، فسأله أنس، قال: كم كان بين الأذان والسَّحور، قال: قدر خمسين آية، فهذا الحديث اشتمل على عدة فوائد:
مشروعية السَّحور، وتأخير هذا السَّحور إلى السَّحَر، فقد كان سحور النبي صلى الله عليه وسلم متأخراً، وهذا هو السنَّة، فيكون قريب الأذان، ولهذا لما سأل أنس زيداً كم بين السَّحور والأذان، قال: قدر خمسين آية، يعني كم بين سحور النبي صلى الله عليه وسلم وبين الأذان؟ قال: قدر خمسين آية، مرتلة متأنية، في نحو خمس دقائق أو سبع دقائق إلى عشر دقائق، والحاصل في هذا أن السنَّة هو تأخير السَّحور.
ويُستفاد من هذا الحديث:
بيان حرص الصحابة رضي الله عنهم على الاجتماع بالنبي صلى الله عليه وسلم، ليتعلموا منه العلم، ويقتدوا بأفعاله وأقواله صلى الله عليه وسلم، وفي قوله: «تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم»، دلالة على كرم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى تواضعه.
وفيه الاجتماع على السَّحور، وفي سؤال أنس بن مالك لزيد بن ثابت رضي الله عنهم، دلالة على حرص الصحابة على العلم، وعلى سؤال أهل العلم، فالله جل وعلا يقول: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 43]، فالشاهد أن الإنسان يحرص على أكلة السَّحَر، ويحرص على تأخيرها، وأيضاً يعلم أن في هذا إقامة للسنَّة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم، كما في صحيح مسلم، «فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السَّحَر»، ففيه إقامة للسنة، ومخالفة لأهل الكتاب، والمسلمون يحرصون على هذا، فيجعلونه في آخر الليل، لا في وسط الليل كما يفعل بعض الناس، بل السنَّة أن يؤخره تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم.
ومن الفوائد: أن وقت الإمساك هو طلوع الفجر كما قال الله جل وعلا: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ﴾ [البقرة: 187]، وبهذا يُعلم أن ما يجعله بعض الناس من الإمساك الاحتياطي قبل الفجر بعشر دقائق أو بربع ساعة أو بثلث ساعة، أنه من الأمور البدعية التي ما أنزل الله عز وجل بها من سلطان، بل هي وسوسة من وساوس الشيطان، وإلا فإن سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم بينت أن الإمساك يكون على طلوع الفجر، أما الإمساك الاحتياطي مثل ما ينتشر عند بعض الناس أو في بعض الأماكن، فهذا ليس من سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم، وشيخنا الشيخ: ابن باز رحمه تعالى: سُئل عن جعل وقت للإمساك قبل الفجر بحوالي ربع ساعة؟ فقال رحمه الله: لا أعلم لذلك أصلاً، بل الإمساك الذي دل عليه الكتاب والسنَّة يكون بطلوع الفجر، ثم ذكر الآية: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ﴾ [البقرة: 187] رحمه الله رحمة واسعة.
وفق الله الجميع وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.