محتوى المقالة
جينات الإنسان تؤثر فى حياتة وتؤثر فى تصرفاته فهل لها تدخل فى كل امورة بالحياة هذا ما سنعرفه فى المقال التالى فتابعونا .
إلى أي مدى تؤثر جيناتك في إرادتك الحرة؟
جيناتنا في تحديد طولنا أو وزننا
تؤثر جيناتنا في تحديد طولنا أو وزننا أو لون أعيننا، لكن حديثًا بيَّنت الدراسات الوراثية المتعاقبة أن مورثاتنا تتوقع عمرنا أو درجة ذكائنا أو قوة اندفاعنا في الحياة أو استعدادنا لتطوير مرض عقلي، تُكتب هذه الصفات جميعها بدرجات مختلفة ضمن جيناتنا، فأحيانًا تعمل ألوف الجينات معًا في تناغم لإظهار هذه الصفات.
الدارة العصبية للدماغ
حاليًّا مع تقدم الطب نستطيع متابعة تشكل الدماغ وتطوره ضمن الرحم قبل 20 أسبوعًا من الولادة، وقد لُوحِظ أن ظهور بعض التغيرات في الدارة العصبية للدماغ ترافق بوضوح مع جينات تؤثر في حدوث بعض الأمراض مثل التوحد واضطراب فرط الحركة وقصور الانتباه، وكذلك الحالات التي لا تظهر إلا متأخرًا مثل اضطراب ثنائي القطب والاكتئاب الشديد والفصام.
بيولوجي وراثي؟
ماذا لو كان لسلوكنا المعقد أساس بيولوجي وراثي؟ ماذا لو كانت جيناتنا تؤثر في أسلوب تشكيل دارتنا العصبية، ومن ثم تحدد تصرفاتنا وسلوكياتنا البسيطة منها والمعقدة، مثل الديانة التي نختار اتباعها، أو طريقة تشكيل آرائنا السياسية، أو أسلوب اختيار أصدقائنا.
الطبيعة والتنشئة جزآن متكاملان
بعيدًا عن المورَّثات مثل القصص والكتب، قد تنتقل تجارب حياتنا عبر الأجيال بطرق أخرى، يدرس مجال حديث نسبيًّا في العلم يسمى «علم التَّخَلّق» إحدى هذه الطرق، إذ يكشف كيفية ترابط الطبيعة المَوروثة وتجارب نشأتنا وأحداثها وتأثيرها في صياغة سلوكنا وتصرفاتنا، لذلك لا يدرس هذا العلم الجينات أو طفراتها، بل يدرس العلامات التي توضع على الجينات نتيجة تجارب حياتية مررنا بها، إذ تعدل العلامات أسلوب ترجمة هذه الجينات لمكونات بيولوجية تؤثر في بنيتنا وسلوكنا.
الجينية عند الفئران
المادة الوراثية
ما زال هذا المجال العلمي حديثًا نسبيًا، وكذلك أبحاثه المستمرة، إذ توجد الكثير من الأسئلة دون إجابة تتعلق بوجود هذه الآلية عند البشر، لكن الأدلة الأولية تشير إلى أن الأحداث الصادمة الشديدة تستطيع التأثير في المادة الوراثية ومن ثم تنتقل عبر الأجيال.
سجناء الحرب الأهلية الأمريكية
أظهرت دراسة أن معدل وفيات أبناء سجناء الحرب الأهلية الأمريكية في منتصف العقد الرابع من العمر أعلى بنسبة 11% مقارنةً بأقرانهم الذين لم يتعرض آباءهم للسجن في الحرب الأهلية.
وبالمثل أشارت دراسة أخرى إلى أن الناجين من المحرقة اليهودية في الحرب العالمية الثانية كانوا يملكون وأطفالهم تغيرات وراثيةً في جين معين يرفع مستويات هرمون الكورتيزول، المسؤول عن حالة التوتر والتأهب للأحداث الخطيرة.
الأمر معقد، لكن النتائج تشير إلى أن أحفاد هؤلاء الأشخاص يملكون مستوى مرتفعًا من هرمون الكورتيزول مقارنةً بغيرهم، لذا فهم أكثر عرضةً لتطوير الاضطرابات النفسية والاكتئاب.
هل يوجد أي أمل لحرية الإرادة؟
طبعًا، فالقصة ليست بهذه البساطة، ولا يمكننا أن نجزم باستحالة تغيير حياتنا منذ ولادتنا، سواءً بأدمغتنا التي ولدنا بها أو المادة الوراثية التي ورثناها أو الذكريات التي اكتسبناها من أجدادنا، إذ يوجد دائمًا أمل للتغيير.
مصدر هذا الأمل الطبيعة المرنة لأدمغتنا وقدرتها على التغيُّر والتأقلم، فكلما تعلمنا مهارةً أو فكرةً جديدة، تتشكل روابط جديدة بين خلايانا العصبية، ومع ممارسة هذه المهارة، تزداد قوة الروابط وكفاءتها، حتى تتحول إلى ذكرى قوية تندمج في الذاكرة. وكلما تواتر استدعاء هذه الذكرى، ازدادت قوة الروابط العصبية فتصبح هذه الروابط هي الطريق الأساسي لمرور السيالات العصبية في الدماغ، أي أن هذا السلوك المكتسب أصبح عادةً وسلوكًا طبيعيًا.
مثلًا، نحن لا نملك مهارة قيادة الدراجة عند ولادتنا، وعندما نحاول تعلم هذه المهارة ونتدرب ونتعلم من الأخطاء وبعض العثرات البسيطة على الطريق، فإننا نتطور لامتلاك المهارة اللازمة.
صورةً مختلفةً للوجه الحقيقي.
أيضًا ينطبق المبدأ ذاته على مهارتي الإدراك والتعرف على البيئة، فبواسطة التحرك والتنقل ضمن بيئتنا واستحضار تصورنا لها نصنع الروابط العصبية ضمن أدمغتنا ونقويها، ومع تكرار التجربة والخبرة نتطور لامتلاك هاتين المهارتين.
توجد خدعة يجب الانتباه لها: أحيانا تُغشي ذكرياتنا الماضية بصرنا عن حقائق في المستقبل. إذ ننحاز إلى رؤية وجوه مألوفة لنا في بيئتنا، وهذا الانحياز قد يصرف انتباهنا عن علامات تخبرنا أننا ننظر إلى الوجه الخلفي من القناع، فنعتمد على طرق وروابط عصبية قديمة تشكل صورةً مختلفةً للوجه الحقيقي.